البحث


مدونة السيف الأثري للرد على ضلالات الأشعرية

الأحد، 4 سبتمبر 2016

7- الإمام أحمد بن حنبل يثبت علو الله على عرشه

بواسطة : Unknown بتاريخ : 2:22 م


الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - يثبت علو الله على عرشه

حافظ الدنيا، إمام أهل السنة، الثابت في المحن، علم الأعلام، شيخ الإسلام، رضي الله عنه.

قال يوسف بن موسى القطان شيخ أبي بكر الخلال قيل لأبي عبد الله الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان قال: نعم هو على عرشه ولا يخلو شيء من علمه.

ذكره الذهبي في "العلو" (ص 176).

وهذا إسناد حسن، يوسف بن موسى القطان صدوق، والخلال إمام جبل.

وأخرجه ابن بطة في "الإبانة" (7/ 159) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (674) وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" (1/ 421) وابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص 167) والذهبي في "العلو" (ص 176).

يقول السقاف: لم أجد هذا في سنة الخلال التي بين يدي!! وإن صح مثل هذا عن أحمد فهو مردود عليه!! كما هو مردود عليه القول بأن القرآن غير مخلوق!! وأقوال الرجال لا حجة فيها!! وهذا الكلام المذكور هنا من أبطل الباطل!!. (ص 457).

ولم يتجرأ السقاف بالجزم بالحكم بوضع هذه الآثار عن الإمام أحمد – رحمه الله –، بل اضطرب اضطرابًا شديدًا فقد قال وهو يتكلم عن موقف الإمام أحمد في صفة العلو: (وطريقة أحمد معروفة) وهذا يعني أنه بلا شك يثبت أن الله في السماء.

ثم اضطرب السقاف فقال: وفي كلامه أمور باطلة مردودة إن ثبتت عنه.

وإننا لنسأل السقاف: فماذا ستقول في الإمام أحمد إذا ثبت عنه أنه يثبت العلو؟! هل ستحكم عليه بأنه حشوي مجسم مشبه كما حكمت على أكثر أتباعه، بل جعلت الحنابلة وكأنهم كلهم مجسمة إلا القليل كابن الجوزي وابن عقيل ومن تبعهما؟!

وأما أنك لم تجد هذا الأثر في سنة الخلال فلا إشكال في ذلك، فسنة الخلال فيها أجزاء مفقودة، فإن لم نجد هذا الأثر فيما وجد من سنة الخلال فهو بلا شك موجود في الأجزاء التي فقدت.

وقال الإمام أحمد في كتاب "الرد على الزنادقة والجهمية": وقد أخبرنا – أي رب العالمين – أنه في السماء. ثم ذكر آيات العلو ثم قال: فهذا خبر الله، أخبرنا أنه في السماء. (ص 290)، وذكره الذهبي في "العرش" (ص 319- 321).

وقال أيضًا: وهو على العرش، وقد أحاط علمه بما دون العرش، لا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان. (ص 293).

وإن كان السقاف يستدل بكلام الذهبي – رحمه الله – على عدم صحة كتاب الرد على الزنادقة والجهمية – وكلامه غير صحيح –، فقد ذكر الذهبي نفسه في السير أن الإمام أحمد وأتباعه – إلا من شذ – يثبتون صفة العلو، فقد قال في السير في ترجمة الشيخ عبد القادر الجيلي: قلت: يشير إلى إثباته صفة العلو ونحو ذلك، ومذهب الحنابلة في ذلك معلوم، يمشون خلف ما ثبت عن إمامهم -رحمه الله- إلا من يشذ منهم، وتوسع في العبارة. (20/ 443).

وأخرج ابن بطة في الإبانة (7/ 158- 159). حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء قال: ثنا أبو جعفر محمد بن داود البصروي قال: ثنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا عبد الله، وقيل، له روى علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، أنه قيل له: كيف نعرف الله؟ قال: على العرش بحد، فقال: بلغني ذلك عنه وأعجبه، ثم قال أبو عبد الله: ﴿هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة﴾ [البقرة: 210]، ثم قال: ﴿وجاء ربك والملك صفا صفا﴾ [الفجر: 22].

وعمر بن محمد بن رجاء صدوق كما قال الخطيب في "تاريخ بغداد" (13/ 93).

وقال عنه الذهبي: وكان عبدًا صالحًا ديِّنًا، ثقة، كبير القدر، من أئمة الحنابلة. تاريخ الإسلام (7/ 578).

ومحمد بن داود لعله أبو جعفر المصيصي ثقة كما في "التقريب" ترجمة (5869).

وأبو بكر المروذي ثقة إمام.

ولا يخفى أن ذكرنا أن استدلال الإمام أحمد بأثر الإمام مالك كما في الشريعة للآجري (653) وقد سبق تخريج أثر الإمام مالك – رحمه الله – وإثبات صحته، فلو كان الإمام أحمد غير معتقد لهذا القول لما قاله ولما احتج به.

وقال ابن بطة: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء قال: ثنا أبو نصر عصمة بن أبي عصمة قال: ثنا الفضل بن زياد، قال: ثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا نوح بن ميمون، قال: ثنا بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك، ﴿ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم﴾ [المجادلة: 7]، قال: هو على العرش وعلمه معهم، قال أحمد: هذه السنة.

ولقد روى الإمام أحمد آثار العلو عن الأئمة واحتج بها هو وتلميذه أبو داود كما في المسائل تحب "باب في الجهمية"، وقد نقلنا بعضًا من ذلك.

وقال الميموني: سألته فيما بيني وبينه، واستفهمته واستثبته، قلت: يا أبا عبد الله , قد بلينا لهؤلاء الجهمية، ما تقول في من قال: إن الله ليس على العرش؟ قال: كلامهم كلهم يدور على الكفر. العلل ومعرفة الرجال (ص 197).

يقول السقاف: لكن نُقِل عن أحمد إثبات التأويل والمجاز، وتنزيه الله عن الجسمية وغير ذلك.  (ص 457).

وهذا غير صحيح إطلاقًا، وأما عن تأويل الإمام أحمد – رحمه الله – صفة المجيء بمجيء أمره، فمردود عليه من أوجه ذكرها الحافظ ابن رجب في "فتح الباري"، حيث قال: وقد روي عن الإمام أحمد، أنه قال في مجيئه: هو مجيء أمره.

وهذا مما تفرد به حنبل عنه، فمن أصحابنا من قال: وهم حنبل فيما روى، وهو خلاف مذهبه المعروف المتواتر عنه. وكان أبو بكر الخلال وصاحبه لا يثبتان بما تفرد به حنبل، عن أحمد رواية.

ومن متأخريهم من قال: هو رواية عنه، بتأويل كل ما كان من جنس المجيء والإتيان ونحوهما.

ومنهم من قال: إنما قال ذلك إلزاماً لمن ناظره في القرآن، فأنهم استدلوا على خلقه بمجيء القرآن، فقال: إنما يجيء ثوابه، كقوله: ﴿وجاء ربك﴾ ، أي: كما تقولون أنتم في مجيء الله، أنه مجيء أمره. وهذا أصح المسالك في هذا المروي.

وأصحابنا في هذا على ثلاث فرق:

فمنهم من يثبت المجيء والإتيان، ويصرح بلوازم ذلك في المخلوقات، وربما ذكروه عن أحمد من وجوه لا تصح أسانيدها عنه.

ومنهم من يتأول ذلك على مجيء أمره.

ومنهم من يقر ذلك، ويمره كما جاء، ولا يفسره، ويقول: هو مجيء وإتيان يليق بجلال الله وعظمته سبحانه.

وهذا هو الصحيح عن أحمد، ومن قبله من السلف، وهو قول إسحاق وغيره من الأئمة.

وكان السلف ينسبون تأويل هذه الآيات والأحاديث الصحيحة إلى الجهمية؛ لأن جهماً وأصحابه أول من أشتهر عنهم أن الله تعالى منزه عما دلت عليه هذه النصوص بأدلة العقول التي سموها أدلة قطعية هي المحكمات، وجعلوا ألفاظ الكتاب والسنة هي المتشابهات فعرضوا ما فيها على تلك الخيالات، فقبلوا ما دلت على ثبوته بزعمهم، وردوا ما دلت على نفيه بزعمهم، ووافقهم على ذلك سائر طوائف أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم.

وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال، واشتقوا من ذلك لمن آمن بما أنزل الله على رسوله أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي افتراء على الله، ينفرون بها عن الإيمان بالله ورسوله.

وزعموا أن ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وانتشاره - من باب التوسع والتجوز، وأنه يحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدح في الشريعة المحكمة المطهرة، وهو من جنس حمل الباطنية نصوص الإخبار عن الغيوب كالمعاد والجنة والنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملهم نصوص الأمر والنهي على مثل ذلك، وهذا كله مروق عن دين الإسلام. (7/ 229- 231).

وللحافظ ابن رجب كلام نفيس حول الصفات بعد هذا النقل الذي نقلناه. والله الموفق والمستعان.

وأما ما نسب للإمام أحمد – رحمه الله – من تنزيه الله عن التجسيم، أو تكفير المجسم كمثل الذي نقله الزركشي في "جمع الجوامع" (4/ 648) عن صاحب الخصال أن الإمام أحمد كفّر من قال بأن الله جسم لا كالأجسام.

كل ما نسب إلى الإمام أحمد من ذلك لا إسناد له، وكل كلام بلا إسناد لا قيمة له، سيما وأن بين الزركشي وصاحب الخصال وبين الإمام أحمد – رحمهم الله – مفاوزًا.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوضة لذى | السياسة الخصوصية | Contact US | إتصل بنا

تعديل : عبدالرحيم