البحث


مدونة السيف الأثري للرد على ضلالات الأشعرية

الثلاثاء، 9 يناير 2018

حكم حديث معاوية بن الحكم - رضى الله عنه - بلفظ "أين الله" والرد على السقاف ونضالة آلة رشى - الجزء الأول

بواسطة : Unknown بتاريخ : 12:07 م

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد ،،،
فإن الحكم بصحة الحديث أو بضعفه، أو باضطرابه واختلاف لفظه مبنيٌّ على قواعد فى علم الحديث مشهورة، وفى كتب الأئمة مبينة ومسطورة.
وينبغى - بل يجب - على من يتصدى للحكم على الأحاديث - فوق درايته بقواعد هذا الفن وقوانينه - أن يكون بحثُه مجرَّدًا عن الهوى، بل لأجل البحث عن الحق الذى يرضى رب العالمين - جل جلاله -.
فالذى يبحث عن حديث - وهو يحكم فى نفسه بصحته أو بضعفه ابتداءً قبل النظر فى رواياته وطرقه - لن يصل إلى الحق، بل سيوصل نفسه إلى ما يريد، وسيوهم نفسه والمنخدعين بصحة ما حكم به فى نفسه ابتداءً.
ولا شك أن مثل هذا لن يصل لمراده إلا بالبتر والتدليس، بل ربما والكذب فى بعض الأحايين.
ولذا لن نجد مثل هذا وأمثاله يذكرون كل ما يُقال فى الحديث، أو فى رواته، ثم يرجحون الحق بدليله.
وهذا الحديث الذى انتشر بين الأنام، وعلمه العلماء والعوام، فبين مصحح لمتنه وحاكم عليه بالاضطراب، ومحتج به ورادٍّ له فى الباب.
وقد اشتهرت تسميته بحديث "الجارية".
وقد صنف فى تضعيفه بعض المحدَثين - بفتح الدال - فمنهم: حسن السقاف، حيث صنف كتابه "تنقيح الفهوم العالية بما ثبت وما لم يثبت من حديث الجارية".
وصنف نضال آلة رشى "رفع الغاشية عن المجاز والتأويل وحديث الجارية".
لكن كتاب السقاف أوسع، ولذا فإننا سنعرض ما قال وسنزنه بميزان الشرع وما تقتضيه قواعد أهل العلم الحديثية والأصولية، وبالله توفيقنا.
** المبحث الأول **
الكلام على إسناد الحديث

المطلب الأول
الكلام على أسانيد الأحاديث

أولاً: لابد أن نعلم أن ما يسمى بـ"حديث الجارية" ليس حديثًا واحدًا، وليست واقعة واحدة، بل هي وقائع مختلفة وردت في أحاديث متنوعة، اختلفت ألفاظ هذه الأحاديث باختلاف الوقائع.

ثانيًا: أنه إذا ثبت أن الوقائع مختلفة، وأن الأحاديث اختلفت ألفاظها بحسب اختلاف كل واقعة، فلا يصح أن نرجح بين الأحاديث وبين الوقائع، إذ من البديهي أن تختلف ألفاظ كل واقعة عن غيرها.

ثالثًا: أنه قد تقرَّر في علم الأصول، أنه إذا اختلفت الرواية فإن أمكن الجمع بين ألفاظ الروايات جميعًا كان ذلك أولى من ترجيح رواية على أخرى.

رابعًا: تخريج الحديث، وبيان طرقه ورواياته:
ما يُعرف بحديث الجارية ليس حديثًا واحدًا، وليس واقعة واحدةً كما قلنا، وإنما هي أحاديث وواقع:
وهذه الأحاديث هي:
1- حديث معاوية بن الحكم.
2- حديث الشريد بن سويد.
3- حديث أبي هريرة.
4- حديث ابن عباس.
5- حديث ابن عمر.
6- حديث كعب بن مالك.
7- حديث أبي جحيفة – رضي الله عنهم - ، كما روي مرسلاً من طرق أخرى.
الحديث الأول: حديث معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه -:
وهذا هو الذى فى صحيح مسلم، ولأجله عقدنا هذه المباحث، وصنف السقاف وآلة رشى رسالتيهما.

وحديث معاوية لم يروه عنه سوى عطاء بن يسار، وتفرد به عن عطاء بن يسار هلال بن أبي ميمونة، وعن هلال ثلاثة طرق:

الطريق الأول: طريق يحيى بن أبي كثير، وعنه:
  1. حجاج الصواف: أخرجه مسلم (537) وأحمد (23762) وابن أبي شيبة (30342) وفي "الإيمان" (84) حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن حجاج الصواف... به مطولاً.
    وأخرجه أبو داود (930) بإسنادين: الأول: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، ثم حول السند فقال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم... به.
    وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1183): حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي وعمي أبو بكر قالا ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حجاج الصواف... به.
    وأخرجه المحاملي في أماليه (319) حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا حجاج ... به فذكره مختصرًا وفيه أنه لم يسألها إلا سؤالاً واحدًا: من أنا؟.
    ولم يذكره مختصرًا سوى المحاملي، وقد خالفه الأئمة مسلم وأحمد وأبو بكر ابن أبي شيبة وأخوه عثمان فرووه مطولاً عن إسماعيل بن علية نفسه، وفيه أنه سألها: أين الله؟.
    وأخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (41) وأبو داود (930) والنسائي في "الكبرى" (8535) وأحمد (23767) وأبو عوانة في مستخرجه (1728) والطبراني في "الكبير" (19/ 398) (938) والبغوي في "شرح السنة" (726) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن حجاج الصواف ... به مطولاً أيضًا.
    وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (165) أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن المثنى حدثنا بن أبي عدي عن حجاج الصواف... به مطولاً أيضًا.
    وابن أبي عدي هذا هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وقيل: اسمه إبراهيم، وثقه أبو حاتم وغيره كما في السير (9/ 221).
    وحكم عليه الحافظ بالتوثيق كما في ترجمته في التقريب (5697).
    وحجاج الصواف هو: حجاج بن أبي عثمان الصواف، أبو الصلت، ثقة حافظ. التقريب (1131).
  2.  أبان بن يزيد العطار: وأخرجه الطيالسي (1201) حدثنا أبو داود قال: حدثنا حرب بن شداد، وأبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير... به.
    ومن طريق أبان بن يزيد أخرجه الدرامي في الرد على الجهمية (60) حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي... به.
    وكذلك ابن أبي عاصم في السنة (489) من طريق أبان ... به.
    وكذلك اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (652): أخبرنا أحمد بن عبيد، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن مبشر، قال: ثنا أحمد بن سنان، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان، يعني العطار، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير... به.
    وأخرجه ابن قدامة في إثبات صفة العلو (2) أخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان ثنا حمد بن أحمد الحداد، أنبأ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ أنبأ عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا حرب بن شداد وأبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير... به.
    وقال بعد إخراجه الحديث: هذا حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه، ومالك في موطئه، وغيرهما من الأئمة رحمهم الله عز وجل. ا.هـ.
    وأبان بن يزيد العطار، ثقة له أفراد. التقريب (143).
    وفي تهذيب الكمال: قال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه : ثبت فى كل المشايخ.
  3. الأوزاعي: وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 278 – 283): حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب قال: ثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير... به.
ومن طريق الأوزاعي أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 398) (937): حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، ثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير... به.
وكذلك ابن منده في "الإيمان" (91) أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى بن منده، ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، أنبأ محمد بن يوسف، ثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير ... به.
وكذلك البيهقي في الأسماء والصفات (890) أخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، ثنا أبو العباس الأصم، أنا العباس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، ثنا الأوزاعي، ثنا يحيى بن أبي كثير ... به.
والأوزاعي هو إمام فقيه مشهور، واسمه: عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو، قال الحافظ ابن حجر: ثقة جليل فقيه. التقريب (3967).

الطريق الثاني: طريق مالك بن أنس:
 ففي موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري (2730): حدثنا أبو مصعب، قال: حدثنا مالك، عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم، أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي كانت ترعى غنما لي، فجئتها ففقدت شاة من الغنم، فسألتها عنها، فقالت: قتلها الذئب فأسفت عليها، وكنت من بني آدم، فلطمت وجهها، وعلي رقبة، أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ فقالت: في السماء قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال: أعتقها فإنها مؤمنة.
وكذلك ذكره البيهقي عن عمر بن الحكم (15266) من طريق الشافعي عن مالك عن هلال بن أبي أسامة ... به، وكذلك أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (ص 283) من ثلاث طرق عن مالك عن هلال بن أسامة .... به.
قال الشافعي رحمه الله: اسم الرجل معاوية بن الحكم , كذا روى الزهري ويحيى بن أبي كثير , قال الشيخ رحمه الله: كذا رواه جماعة عن مالك بن أنس رحمه الله , ورواه يحيى بن يحيى عن مالك مجودا فقال عن معاوية بن الحكم قال في آخره: فقال: " أعتقها فإنها مؤمنة".
قلتُ: وأما طريق الزهري فلم أقف عليها، وأما اسم الصحابي فإنه معاوية، فقد قال المزي في ترجمته أنه معاوية، وأما عمر فإنه وهم.

الطريق الثالث: طريق فليح:
أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (3/ 73): حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، نا معافى بن سليمان، نا فليح، عن هلال، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم أنه أراد عتق أمة له سوداء فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: «من ربك؟» قالت: الذي في السماء فقال لها: «من أنا؟» قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال «أعتقها؛ فإنها مؤمنة».
وفُلَيْح، هو ابن سليمان بن أبي المغيرة.
وهنا نلاحظ أن فليحًا هذا قد خالف مالكًا ويحيى بن أبي كثير، فرواه بلفظ: (من ربك؟) بينما رواه مالك ويحيى بن أبي كثير بلفظ: (أين الله؟).
وقبل الكلام على هذه المخالفة أنقل ما قاله نضال آلة رشى فى كتابه "رفع الغاشية"، حيث يقول:
وهذا سندٌ رجاله ثقات:
ابنُ قانع، وصفه الحافظ الذهبى بالإمام الحافظ البارع الصدوق إن شاء الله تعالى، والكلام فيه من جهة البرقانى مدفوع، قال الحافظ الخطيب البغدادى: (لا أدرى لماذا ضعفه البرقانى، فقد كان من أهل العلم والدارية والفهم، ورأيت عامة مشايخنا يوثقونه).
ومحمد بن أحمد بن البراء البغدادى قال عنه الحافظ الخطيب فى "تاريخه": ثقة.
ومثله معافى بن سليمان.
وأما فُلَيح فمن رجال الصحيحين.
وأنت ترى أن هذه الرواية ورواية مسلم سندهما عن هلال بن أبى ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم، ولفظ هذه الرواية يختلف عن لفظ مسلم، حيث قال هنا: ((من ربك؟)) ولم يقل لها: ((أين الله؟)) فهذا اضطراب فى متن هذه الرواية، والقصة متحدة.
مع أن لفظ ((قالت فى السماء)) محتمل أنها أشارت إلى السماء فلا تكون قد تكلمت بلسانها، وهو مجمع الروايات كما يأتى. ا.هـ. (ص 170).
أقـــول:
أما ابن قانع وهو صاحب الكتاب فلن أطيل الكلامَ على مرتبته، وإلا فإن الذهبى لم يجزم بكونه صدوقًا، بل قال - إن شاء الله تعالى -، وهذه العبارة من أدنى مراتب التعديل.
وأما توثيق الخطيب البغدادى فإنه اعتمد على توثيق مشايخه، ولعله أراد البغداديين، وهذا ما قاله البرقانى فإنه قال: البغداديون يوثقونه، وهو عندى ضعيف.
وقد قال تلميذه الدارقطنى: كان يحفظ، لكنه يُخطئ ويصر.

وأفحش فيه العبارة ابن حزم، ورد عليه ابن حجر فى اللسان، وختم الحافظ ترجمة ابن قانع فى "اللسان" بما نقله عن ابن فتحون:

وقال ابن فتحون في ذيل الاستيعاب: لم أر أحدا ممن ينسب إلى الحفظ أكثر أوهاما منه ولا أظلم أسانيد ولا أنكر متونا وعلى ذلك فقد روى عنه الجلة ووصفوه بالحفظ منهم أبو الحسن الدارقطني فمن دونه قال وكنت سألت الفقيه أبا يعلى يعني الصدفي في قراءة معجمة عليه فقال لي فيه أوهام كثيرة فإن تفرغت إلى التنبيه عليها فافعل قال فخرجت ذلك وسميته الأعلام والتعريف مما لابن قانع في معجمه من الأوهام والتصحيف. ا.هـ. (3/ 384).
قلتُ: ومما سبق يتبين حال ابن قانع، وأنه - كما قال الذهبى رحمه الله - صدوق إن شاء الله، وأنه كان يخطئ، وأن له أوهامًا فى معجمه، لا كما يدعى نضال أنه ثقة وأن الفصل فيه ما قاله الخطيب.
وأما معافى بن سليمان، فإليك كلام أهل العلم فيه لترى صحة قول نضال (ومثله معافى بن سليمان) أى: أنه ثقة:
معافى بن سليمان الرسعنى الجزرى ذكره ابن أبى حاتم وقال: سئل أبو زرعة عنه فذكره بجميل. الجرح والتعديل (8/ 400- 401).
وذكره ابن حبان فى الثقات (15991).
وقال عنه الحسن بن سليمان المعروف بـ"قبيطة": ثقة. تاريخ دمشق (13/ 109).
وقد بحثت فلم أجد من وثق معافى سوى قبيطة وابن حبان، ولذا لم يعتمد الحافظ الذهبى توثيقه بل قال عنه: وكان صدوقًا. تاريخ الإسلام (5/ 943).
وكذلك ابن حجر حيث قال عنه: صدوق. كما فى "التقريب" (ت 6744).
وأما توثيق نضال لفُلَيْح فكذب صريح قبيح، فإنه لما قال: وهذا سند رجاله ثقات، ولا شك أن فُلَيحًا من رواته، وفليح هذا لم يوثقه أحد، فالحكم على الإسناد بأن رجاله ثقات كذب.
وأما رواية البخارى ومسلم عنه فلا تفيده إلى حد كبير، فإنهما - البخارى ومسلم - يرويات عن فليح وأمثاله انتقاءً، وفى المتابعة.
قال الحافظ ابن حجر:
قوله فليح بصيغة التصغير هو بن سليمان أبو يحيى المدني من طبقة مالك وهو صدوق تكلم بعض الأئمة في حفظه ولم يخرج البخاري من حديثه في الأحكام إلا ما توبع عليه وأخرج له في المواعظ والآداب وما شاكلها طائفة من أفراده وهذا منها. فتح البارى (1/ 142).
وقد انتهى حكم الحافظ عليه بأنه: صدوق كثير الخطأ. التقريب (ت 5443).
وهنا فُلَيحٌ قد خالف فى روايته هذا الحديث مالكًا ويحيى بن أبى كثير.
فلابد من ترجمة الثلاثة حتى يتسنى لنا تقديم إحدى الروايتين على الأخرى.
أما فليح فهذه ترجمته من تهذيب الكمال (ترجمة 5443) : قال عثمان بن سعيد الدارمى عن يحيى بن معين: ضعيف، ما أقربه من أبى أويس.
و قال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: ليس بقوى، و لا يحتج بحديثه، و هو دون الدراوردى، والدراوردى أثبت منه .
و قال أبو حاتم: ليس بالقوى .
و قال أبو عبيد الآجرى: سألت أبا داود : أبلغلك عن يحيى بن سعيد أنه كان يقشعر من أحاديث فليح؟ قال : بلغنى عن يحيى بن معين، قال: كان أبو كامل مظفر بن مدرك يتكلم في فليح ، قال أبو كامل: كانوا يرون أنه يتناول رجال الزهري. قال أبو داود: و هذا خطأ عسى يتناول رجال مالك.
و قال أيضا: قلت لأبى داود : قال يحيى بن معين: عاصم بن عبيد الله، و ابن عقيل ـ يعنى عبد الله بن محمد بن عقيل ـ و فليح لا يحتج بحديثهم . قال: صدق .
و قال النسائي: ضعيف.
و قال في موضع آخر: ليس بالقوى .
و قال أبو أحمد ابن عدى: و لفليح أحاديث صالحة يروى عن نافع عن ابن عمر نسخة، و يروى عن هلال بن على عن عبد الرحمن بن أبى عمرة عن أبى هريرة، و يروى عن سائر الشيوخ من أهل المدينة مثل أبى النضر و غيره أحاديث مستقيمة، و غرائب،  و قد اعتمده البخاري في صحاحه، و روى عنه الكثير، و قد روى عنه زيد بن أبى أنيسة، و هو عندي لا بأس به.
قال البخاري: قال سعيد بن منصور: مات سنة ثمان و ستين و مئة.
قال أبو بكر الخطيب: حدث عنه زيد بن أبى أنيسة، و أبو الربيع الزهراني، و بين وفاتيهما مائة و عشر أو تسع أو ثمان سنين. روى له الجماعة. ا.هـ.
ومن نظر إلى ترجمته في التهذيب وتهذيبه وجد أنه مختلف في تعديله وتجريحه:
فعدَّله: ابن حبان، والساجي، وأبو عبد الله الحاكم، وابن عدي.
وجرَّحه: يحيى بن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي، وأبو أحمد الحاكم.
وبعيدًا عن الجزم بأحد الأمرين: تعديله أو تجريحه، فما يهمنا في هذا الأمر هل نرجِّح روايته إذا خالف مالكًا ويحيى بن أبي كثير؟
والجواب: كلا، وألف كلا، فالإمام مالك متفق على جلالته وإمامته وحفظه وهو أحد الأئمة الفقهاء الأربعة.
ويحيى بن أبي كثير هو الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، قال عنه ابن حجر: ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل. التقريب (7632).
وأما بالنسبة لتدليسه وإرساله، فهو هنا قد أسند الحديث، وصرَّح بالتحديث كما في مسند أحمد (23767).
فمما لا شك فيه أن رواية هذين الإمامين مقدمة قطعًا على رواية فُلَيح المختلف فيه.







جميع الحقوق محفوضة لذى | السياسة الخصوصية | Contact US | إتصل بنا

تعديل : عبدالرحيم