البحث


مدونة السيف الأثري للرد على ضلالات الأشعرية

الاثنين، 14 يناير 2019

إمام المالكية فى عصره ابن أبى زيد القيروانى يُثبت العلو لله - تعالى -

بواسطة : Unknown بتاريخ : 1:57 ص

الإمام علامة المغرب يثبت علو الله الذاتى على العرش

هو الإمام، العالم الحبر، البحر، شيخ المالكية فى عصره بالمغرب بلا منازعة، عبد الله بن أبي زيد النفزي، القيرواني المالكي. (ت 386)، الملقب بمالك الصغير.
يقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني – رحمه الله – أول رسالته المشهور:
باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة
من واجب أمور الديانات
من ذلك الإيمان بالقلب، والنطق باللسان أن الله إله واحد لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا والد له، ولا صاحبة له، ولا شريك له.
ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، لا يبلغ كنه صفته الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون، يعتبر المتفكرون بآياته، ولا يتفكرون في ماهية ذاته، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض، ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم.
العالم الخبير، المدبر القدير، السميع البصير، العلي الكبير، وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه... إلى آخر المقدمة الطيبة.
ولقد حاول الشُرَّاح وغيرهم أن يتملصوا من هذه الكلمة بتأويلات بعيدة جِدًّا، وتكلفوا للخروج من كلام الإمام، فهم بين أمرين أحلاهما مر، إما أن يتكلفوا لتأويل كلام الإمام وحمله على غير وجهه كما تكلفوا في تأويل كلام الله – عز وجل – وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم –، وإما أن يكون هذا الإمام حشويًّا مشبهًا مجسِّمًا، فادعى بعضهم أن لفظة (بذاته) مدسوسة – بلا بينة –، وأنكر بعضهم عليه لأجلها، وأوَّلها البعض بتأويلات ما كانت لتخطر ببال أحد لولا هذا التكلف.
يقول النفراوي: (و) كما يجب الإيمان بأن الله إله واحد يجب اعتقاد (أنه) سبحانه وتعالى (فوق عرشه) وهو جسم نوراني علوي محيط بجميع الأجسام لا قطع لنا بتعيين حقيقته وهو أول المخلوقات على الأصح، وفوق السموات والكرسي من تحته بين قوائمه، ومعناه لغة كل ما علا، والظرف خبر إن، و (المجيد) يصح جره نعتا للعرش، ورفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو العائد على العرش أو على الله. (بذاته) متعلق بالمجيد، والباء بمعنى في مثل أقمت بمكة أي فيها، والضمير عائد على العرش أي العظيم في ذاته، وقيل عائد على الله والمعنى: أن هذه الفوقية المعنوية له تعالى مستحقها بالذات لا بالغير من كثرة أموال أو جنود كفوقية المخلوقات، ولا يصح تعلق بذاته بفوق لفساد المعنى؛ لأن المعنى حينئذ وهو فوق العرش بذاته وهو ممتنع؛ لأن فيه استعمال الموهم، والحاصل أنه يجوز إطلاق لفظ الفوقية الغير المقيدة بلفظ الذات على الله، فيجوز قول القائل فوق سمائه أو فوق عرشه، وتحمل على فوقية الشرف والجلال والسلطنة والقهر لا فوقية حيز ومكان؛ لاستحالة الفوقية الحسية عليه تعالى لاستلزامها الجرمية والحدوث الموجبين للافتقار المنزه عنه الخالق جل وعلا. الفواكه الدواني (1/ 47).
وهذا تكلف في تأويل كلام الإمام وحمل للكلام على غير وجهه.
 وقد برَّر هذا التأويل بأن الفوقية الحسية يلزم منها الجرمية والحدوث.
ثم ماذا سيقول في قول ابن أبي زيد القيرواني – رحمه الله –: وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه. الجامع في السنن والآداب والمغازي (ص 107- 108).
هل سيقول أن فوقية الشرف والقدرة والسلطنة والقهر لله هي فوق السماوات وعلى العرش دون الأرض؟!!
وأما أن فوقية الذات تستلزم الحيز والجرمية والحدوث ونحو هذا، فنقول: إننا نثبت الصفة، لكن لا نلتزم هذه اللوازم، بل نقول إنها لوازم في الشاهد، وأين التراب من رب الأرباب؟!
وقد أقر بأن عقيدة ابن أبي زيد إثبات الفوقية وحمل الاستواء على ظاهره أئمة كثر، كالقرطبي وابن جهبل وابن جزي وغيرهم.
قال القرطبي في "الأسنى" ما نصه: والسادس: قول الطبري وابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر – رضي الله عنه – وأبي الحسن، وحكاه عنه – أعني عن القاضي أبي بكر القاضي عبد الوهاب نصًّا – وهو أنه – سبحانه مستوٍ على العرش بذاته. وأطلقوا في بعض الأماكن فوق عرشه.
قال الإمام أبو بكر: وهو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تمكين في مكان، ولا كون فيه ولا مماسة.
قلتُ: هذا قول القاضي أبي بكر في كتاب "تمهيد الأوائل" له. وقد ذكرناه، وقاله الأستاذ أبو بكر ابن فورك في "شرح أوائل الأدلة" وهو قول ابن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين، والخطابي في كتاب "شعار الدين" وقد تقدَّم ذلك. ا.هـ. بنصه من الأسنى (2/ 123).
وقال ابن جهبل رادًّا على تقي الدين ابن تيمية: وأما ما حكاه عن أبي عمر بن عبد البر فقد علم الخاص والعام مذهب الرجل ومخالفة الناس له ونكير المالكية عليه أولا وآخرا مشهور ومخالفته لإمام المغرب أبي الوليد الباجي معروفة حتى إن فضلاء المغرب يقولون لم يكن أحد بالمغرب يرى هذه المقالة غيره وغير ابن أبي زيد على أن العلماء منهم من قد اعتذر عن ابن أبي زيد بما هو موجود في كلام القاضي الأجل أبي محمد عبد الوهاب البغدادي المالكي رحمه الله. نقله التاج السبكي في الطبقات (9/ 78).
فما هي هذه المقالة التي لم يرها غير ابن أبي زيد وابن عبد البر إن لم يكن إثبات الفوقية؟!
ولا يُقال إن هذا رأي ابن جهبل، بل إنه نسبه لفضلاء المغرب، ولا مناص إلا بنسبته للكذب، وحينها يكون لكل حادث حديث!
وقال ابن جزي: ﴿اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ﴾ حيث وقع، حمله قوم على ظاهره منهم ابن أبي زيد وغيره. تفسير ابن جزي (1/ 290).
وقد ذكر ابن ناجي التنوخي في شرحه للرسالة تأويلات باردة لكلام الإمام ابن أبي زيد، ثم قال بعدها: وفي أجوبة عز الدين بن عبد السلام لما سئل عن قول الشيخ وأنه فوق عرشه المجيد بذاته هل يفهم منه القول بالجهة أم لا وهل يكفر معتقدها أم لا؟ فأجاب بأن ظاهر ما ذكره القول بالجهة وأن الأصح أن معتقد الجهة لا يكفر. (1/ 25).
ونقول لهم – كما قلنا ذلك مرارًا –: أنتم تثبتون لله – تعالى – السمع، ويلزم من السمع العرضية، كما يلزم منها إثبات الأذن لله – تعالى – ومع ذلك أنتم لم تلتزموا هذين اللازمين، وقلتم نثبت الصفة ولا نثبت اللوازم؛ لأنها لوازم صفات المخلوقين والله ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾.
وكذلك نحن نقول: نثبت الصفة دون لوازمها، إذ هي لوازم في صفات المخلوقين والله ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾.
يقول العلامة مرعي الكرمي الحنبلي ([1]): وقال بعض المحققين من الشافعية والذي شرح الله صدري في حال المتكلمين الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء والنزول بنزول الأمر واليدين بالنعمتين والقدرتين أنهم ما فهموا في صفات الرب إلا ما يليق بالمخلوقين، فما فهموا عن الله تعالى استواء يليق به ولا نزولا يليق به ولا يدين تليق بعظمته بلا تكييف ولا تشبيه فلذلك حرفوا الكلم عن مواضعه وعطلوا ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله.
قال: ولا ريب أنا نحن وهم متفقون على إثبات صفة الحياة والسمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والكلام لله تعالى، ونحن قطعا لا نعقل من الحياة والسمع والبصر والعلم إلا أعراضا تقوم بجوارحنا، فكما يقولون حياته - تعالى - وعلمه وسمعه وبصره ليست بأعراض، بل هي صفات كما تليق به لا كما تليق بنا فمثل ذلك بعينه فوقيته واستواؤه ونزوله ونحو ذلك فكل ذلك ثابت معلوم غير مكيف بحركة أو انتقال يليق بالمخلوق بل كما يليق بعظمته وجلاله فإن صفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت غير معقولة من حيث التكييف والتحديد ولا فرق بين الاستواء والنزول والسمع والبصر الكل ورد في النص فإن قالوا في الاستواء والنزول شبهتم فنقول لهم في السمع والبصر شبهتم ووصفتم ربكم بالعرض فإن قالوا لا عرض بل كما يليق به تعالى قلنا والإستواء والنزول كما يليق به تعالى
قال فجميع ما يلزموننا به في الإستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم فكما لا يجعلونها أعراضا كذلك نحن لا نجعلها جوارح ولا ما يوصف به المخلوق وليس من الإنصاف أن يفهموا في الإستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين فيحتاجوا إلى التأويل والتحريف ولا يفهموا ذلك في الصفات السبع وحيث نزهوا ربهم في الصفات السبع مع إثباتها فكذلك يقال في غيرها فإن صفات الرب كلها جاءت في موضع واحد وهو الكتاب والسنة فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل وأولنا هذه وحرفناها كنا كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض وفي هذا بلاغ وكفاية أنتهى. (ص 202- 203).


([1]) وهو مضطرب في باب الأسماء والصفات، ويُقال إنه رجع، وأثبت عقيدة السلف، والله أعلم بالحال، لكننا هنا ننقل نقله كلام بعض محققي الشافعية.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوضة لذى | السياسة الخصوصية | Contact US | إتصل بنا

تعديل : عبدالرحيم