البحث


مدونة السيف الأثري للرد على ضلالات الأشعرية

الاثنين، 29 أغسطس 2016

3- الإمام مالك بن أنس وإثباته صفة العلو

بواسطة : Unknown بتاريخ : 3:04 م

الإمام مالك بن أنس - رضي الله عنه - يثبت صفة العلو، ويقول أن الله في السماء

قال أبو داود في مسائله عن أحمد (1699): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ «اللَّهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَخْلُوُ مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ» .

وكذلك أخرجه عبد الله بن أحمد في الرد على الجهمية، والآجري في الشريعة (652- 653) واللالكائي وغيرهم من طريق الإمام أحمد – رحمه الله –.
وهذا إسناد صحيح، سريج بن النعمان، ثقة يهم قليلاً كما في التقريب (2218) ووثقه والعجلي وابن سعد والدارقطني وابن حبان وقال أبو عبيد الآجري: عن أبى داود : ثقة ، حدثنا عنه أحمد بن حنبل . غلط في أحاديث .  كما في تهذيب الكمال وتهذيبه.
وقال الذهبي: ثقة عندهم، وقال أبو داود: ثقة غلط في أحاديث. الميزان (2/ 116).
وأما عبد الله بن نافع فهو الصائغ.
قال السقاف عن هذا الأثر: ضعيف منكر عن مالك – رحمه الله تعالى – رواه ابن أحمد في كتاب "السنة" (1/107/11) وفي السند عبد الله بن نافع حاول الألباني المتناقض عبثًا في مختصر العلو (ص 140) أن يصحح سند هذا القول عن الإمام مالك فقال متطاولاً على الإمام الكوثري الذي ضعَّف السند: [وقول الكوثري في مقدمته على "الأسماء" "ص ط": "فيه عبد الله بن نافع الأصم صاحب المناكير عن مالك"، فهو من تزويره أو تدليسه، فإن أحدا من أئمة الجرح لم يجرحه بهذا القول، بل قالوا في روايته عن مالك خاصة: أعلم الناس براي مالك وحديثه. فراجع له "التهذيب" إن شئت. وأما وصفه إياه بـ"الأصم"، فهو عين الوهم، وإنما هو الصائغ!] انتهى.
وأقول: أولاً: رجعنا ترجمة الصائغ صاحب مالك في كتب الرجال فوجدنا الإمام الكوثري صادقًا فيما قال ووجدنا هرف الألباني باطلاً، وإليك ذلك: قال العقيلي في "الضعفاء" (2/ 311): عن البخاري: (عن مالك يعرف وينكر). تاريخ البخاري (5/ 213) وقال أبو حاتم كما في "الجرح" (5/ 183): (وهو لين تعرف حفظه وتنكر، وكتابه أصح). وقال ابن عدي: (قد روى عن مالك غرائب) وقال أحمد: (لم يكن صاحب حديث كان ضعيفًا) وهذا في تهذيب التهذيب (6/ 47) !!
فثبت ما قاله الإمام الكوثري، وبطل ما قاله المتناقض الألباني !!
ثانيًا: أن هذا الألباني العجمي !! متناقض في عبد الله بن نافع الصائغ !! فقد ضعف أحاديث وعللها بعلل جعل الصائغ من جملتها فانظر في ضعيفته (2/ 231 و 232) ولدينا مزيد. انتهى ما قاله السقاف (ص 396- 397).
وهذا الكلام مليء بالكذب والزور والتدليس، ولإبطال هذا الكلام نقول وبالله التوفيق:
لقد بنى السقاف تضعيفه لهذا الأثر على عبد الله بن نافع الصائغ، وقد ذكر – كعادته – تجريح بعض العلماء له وأخفى ما لا يرتضيه إيهامًا منه بأن الراوي متفق على ضعفه، وهذا عين الباطل.
وأقول بداية: ينبغي أن نفرق بين رواية عبد الله بن نافع للحديث سواءً من طريق مالك أو غيره، وبين روايته قول مالك وعلمه، أما روايته للحديث فإن في حفظه شيئًا أو هو لين فيه، وأما روايته قول مالك وعلمه فهو أعلم الناس بقول مالك – رحمه الله –، وإليك كلام أهل العلم في عبد الله بن نافع:
قال عنه العجلي: ثقة ([1]).
قال ابن عدي بعد أن ذكر أقوال أهل العلم في عبد الله بن نافع ([2]): وعبد الله بن نافع قد روى عن مالك غرائب وروى عن غيره من أهل المدينة، وهو في رواياته مستقيم الحديث، وإذا روى عنه مثل عبد الوهاب بن بخت هذا الحديث يكون ذلك دليلا على حالته لأن أبا عبد الرحيم قد روى عن عبد الوهاب عنه، وأبو عبد الرحيم اسمه خالد بن أبي يزيد حراني ثقة وهذا من رواية الكبار عن الصغار. (5/ 399).
وقول ابن عدي – رحمه الله – (وإذا روى عنه مثل عبد الوهاب بن بخت هذا الحديث يكون دليلا على حالته) وهم، يقول الحافظ الذهبي: ووهم ابن عدي: فإن هذا لعله عبد الله بن نافع، مولى ابن عمر، فإن الصائغ إنما ولد بعد موت عبد الوهاب بن بخت. الميزان (2/ 514).
وقد نبَّه على ذلك الحافظ ابن حجر أيضًا في التهذيب (6/ 52).
وقال أبو يعلى الخليلي: عبد الله بن نافع الصائغ روى عن مالك روى عنه الشافعي أحاديث, لكن الحفاظ لم يرضوا حفظه. الإرشاد (1/ 227).
وقال المزي في تهذيب الكمال: قال أَبُو طَالِب عن أَحْمَد بْن حَنْبَل: لم يكن صاحب حديث، كَانَ ضيقا فِيهِ، وكَانَ صاحب رأي مالك، وكَانَ يفتي أهل المدينة برأي مالك، ولم يكن في الحدث بذاك ([3]).
وَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي خيثمة، وعثمان بْن سَعِيد الدارمي عَن يحيى بْن مَعِين: ثقة ([4]).
وَقَال مُحَمَّد بْن سعد ([5]): كَانَ قد لزم مالك بْن أَنَس لزوما شديدا لا يقدم عليه أحدا، وهُوَ دون معن.
وَقَال أبو زُرْعَة: لا بأس به ([6])، وَقَال أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بالحافظ، هُوَ لين فِي حفظه، وكتابه أصح ([7]).
وقَال البُخارِيُّ: فِي حفظه شئ. وَقَال فِي موضع آخر : يعرف حفظه وينكر، كتابه أصح ([8]).
وَقَال النَّسَائي: لَيْسَ بِهِ بأس، وَقَال في موضع آخر: ثقة.
وَقَال أبو أحمد بْن عدي: روى عن مالك غرائب، وهُوَ فِي رواياته مستقيم الْحَدِيث.
وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب "الثقات". وَقَال: كَانَ صحيح الكتاب، وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ ([9]). تهذيب الكمال (16/ 211).
وقال الذهبي: عبد الله بن نافع الصائغ، صاحب مالك. وثق. ثم ذكر أقوال أهل الجرح والتعديل فيه على نحو ما ذكره الحافظ المزي. ميزان الاعتدال (2/ 513- 514).
هذا كلام أهل الجرح والتعديل ترى أنهم قد تكلموا في روايته الحديث وأنه لين في حفظه سواءً في روايته للحديث عن مالك أو غيره، وعليه نحمل كلام ابن عدي حيث إنه لما قال: روى عن مالك غرائب، عقب ذلك بقوله: وهو في رواياته مستقيم الحديث، وهذا تعديل، بل ويفهم منه أن محل كلامه إنما هو في رواية عبد الله للحديث عن مالك لا روايته قول مالك أو رأيه.
وأما السقاف فبتر كلام ابن عدي حيث لم يذكر سوى قوله "قد روى عن مالك غرائب" ولم يكمل قول ابن عدي نفسه في روايات عبد الله بن نافع أنه "مستقيم الحديث".
وأما قول السقاف أن الإمام أحمد قال عن عبد الله "لم يكن صاحب حديث كان ضعيفًا" فهذا لم أجده إلا في تهذيب التهذيب الطبعة الهندية وقال محقق ميزان الاعتدال قال في الهامش أن في إحدى النسخ: كان ضعيفًا بدل ضيقًا، وهذه مصحفة قطعا، فإن أصل الكلام في الكامل لابن عدي وفيه أنه كان "ضيقًا" وليس "ضعيفًا" وأصل تهذيب التهذيب هو تهذيب الكمال للمزي وفيه أيضًا أنه كان "ضيقًا" وكذلك في ميزان الاعتدال سوى النسخة المشار إليها أنه كان "ضيقًا"،وأما السقاف فاختار هذه اللفظة المصحفة لهوى في نفسه نسأل الله العافية.
وأما ما ذكره السقاف من كلام الإمام البخاري فمحله ما رواه من الحديث عن مالك، وكذا كلام ابن أبي حاتم وكلام ابن عدي، وكلام الإمام أحمد قلنا ما فيه.
ومما يؤكد أن كلام العلماء في رواية عبد الله بن نافع عن مالك محله رواية أحاديث مالك لا قول مالك ورأيه ما قاله الحافظ ابن حجر: وقال الآجري عن أبي داود سمعت أحمد يقول كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك. تهذيب التهذيب (6/ 52).
فلأجل الشك في حديث مالك أغرب في روايته عنه.
ووجه التفرقة بين رواية عبد الله الأخبار عن مالك وبين روايته قول مالك، أن رواية الأخبار تحتاج إلى ضبط أشد وعبد الله لما أصابه الشك بآخره ربما تداخلت عليه الأسانيد والمتون فأغرب لأجل ذلك، وهذا بخلاف روايته قول مالك فلا وجه للتداخل.
ثم إن الإمام أحمد قد علم شك عبد الله بن نافع الذي أداه للإغراب، وقد قال فيه – أي في عبد الله بن نافع -: وكان صاحب رأي مالك، وكان يفتي أهل المدينة برأي مالك، ولم يكن في الحديث بذاك.
فهذا يثبت لك التفرقة بين الأمرين على نحو ما ذكرنا.
وقد سبق أن ذكرنا قول ابن سعد: وكان قد لزم مالك بن أنس لزومًا شديدا، وكان لا يُقَدِّمُ عليه أَحَدًا.
وقال الحافظ ابن حجر: وقال ابن معين لما سئل من الثبت في مالك فذكرهم ثم قال وعبد الله بن نافع ثبت فيه.
ثم قال: قال أبو داود وكان عبد الله عالما بمالك وكان صاحب فقه وكان ربما دل على مالك، قال وسمعت أحمد بن صالح يقول كان أعلم الناس بمالك وحديثه وقال بلغني في يحيى أنه قال عنده عن مالك أربعون ألف مسألة وقال الدارقطني يعتبر به. تهذيب التهذيب (6/ 52).
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال عبد الله بن نافع الصائغ لم يكن يحسن الحديث كان صاحب رأي مالك. سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص226).
فأنت ترى أن الأئمة مطبقون على قبول روايته قول مالك ورأيه، وأما روايته الحديث عن مالك فقد دخله الشك بآخره فأغرب في هذه الرواية.
وبهذا يتبين لنا أن ما رواه عبد الله بن نافع عن مالك من قول مالك نفسه فهو صحيح بلا شك، وعليه فيكون هذا الأثر صحيحًا لا كما يدعي السقاف أنه ضعيف منكر.
وأما قول السقاف: وبطل ما قاله المتناقض الألباني!
فنقول: بل بطل قولك أنت أيها المتناقض.
وأما قوله – أي السقاف –: ثانيًا: أن هذا الألباني العجمي !! متناقض في عبد الله بن نافع الصائغ !! فقد ضعف أحاديث وعللها بعلل جعل الصائغ من جملتها فانظر في ضعيفته (2/ 231 و 232) ولدينا مزيد.
فنقول: إن الشيخ الألباني – وإن جعل عبد الله بن نافع الصائغ – علة من علل ضعف الحديث فلا ينكر عليه؛ لأن عبد الله بن نافع لين في روايته للحديث كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وليس هذا من قبيل ما رواه عن مالك من قوله ورأيه.
وقد نقل وهبي سليمان غاوجي الألباني كلام ابن فرحون أن عبد الله كان أصمَّ أميًّا لا يكتب، وهذا باطل قطعًا، فلم يقل أحد من أهل العلم أنه أصم، ولا أنه أمي لا يكتب، بل لقد صرَّح كثير منهم أن له كتابًا، بل وصححوا ما رواه من كتابه كما سبق نقل ذلك، فكيف يُقال بعد هذا أنه أمي لا يكتب؟!
فخلاصة الكلام أن هذا الأثر صحيح، بل لقد صرَّح بثبوته الإمام الذهبي في كتابه "العرش" حيث قال: هذا حديث ثابت عن مالك رحمه الله، أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب "الرد على الجهمية" عن أبيه، عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن نافع تلميذ مالك وخصيصه. العرش (ص 228- 229).
وقد احتج بهذا الأثر الإمام أحمد كما في الشريعة للآجري (653) وابن عبد البر في التمهيد (7/ 138) وساقه بسنده هناك، وكذا احتج به الحافظ عبد الغني المقدسي في الاقتصاد (ص 94) وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص166) وغيرهم.
وقول الإمام مالك هذا ينقله المالكية عن إمامهم كما صنع العلامة ابن موهب المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني حيث قال: وقد تأتي لفظة "في" في لغة العرب بمعنى فوق كقوله {فامشوا في مناكبها} و {في جذوع النخل} و {أأمنتم من في السماء} قال أهل التأويل يريد فوقها وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء يعني فوقها. نقله الذهبي في العلو (ص 264).
وقال القاضي عياض: قال ([10]): والله في السماء، وعلمه في كل مكان. ترتيب المدارك (2/ 43).




([1]) ذكره الحافظ في التهذيب (6/ 52).
([2]) وسنذكر هذه الأقوال إن شاء الله من تهذيب الكمال.
([3]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 184).
([4]) تاريخ ابن أبي خيثمة – الثالث (2/ 366) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 184).
([5]) الطبقات الكبرى (5/ 503).
([6]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 184).
([7]) المرجع السابق.
([8]) التاريخ الكبير (5/ 213).
([9]) الثقات (8/ 348).
([10]) أي: الإمام مالك  - رحمه الله –.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوضة لذى | السياسة الخصوصية | Contact US | إتصل بنا

تعديل : عبدالرحيم